14/12/2023–|آخر تحديث: 14/12/202302:50 م (بتوقيت مكة المكرمة)
قالت مجلة نيوزويك الأميركية إن الخسائر في صفوف المدنيين باتت القضية المركزية في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، مما عرَّضها للإدانة في جميع أرجاء العالم.
وأشارت المجلة -في تحقيق لها- إلى أن أبرز الإدانات جاءت من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن اللذين اتفقا بأن عدد الضحايا في غزة “مذهل، وكبير جدا”.
من جانبه، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه برغم حصول الإسرائيليين على دعم دول أوروبية والولايات المتحدة إلا أنهم “بدؤوا يفقدون التأييد بسبب القصف العشوائي الذي يحدث”.
وأثار العدد الكبير من القتلى الفلسطينيين اتهامات بارتكاب إسرائيل جرائم حرب، بل وحتى إبادة جماعية، “على افتراض أن المدنيين يتم استهدافهم عمدا”، كما ورد في التحقيق.
مقابلات
وتحدثت نيوزويك مع أكثر من 10 ضباط وعسكريين متقاعدين إسرائيليين وضباط في الجيش والمخابرات الأميركية، في محاولة للإجابة على سؤال حول ما إذا كان القتلى والجرحي في صفوف المدنيين الفلسطينيين الذين سقطوا في الحرب بذلك العدد الكبير حقا.
وأكدت المجلة لكل أولئك الذين تحاورت معهم أنها لن تكشف عن هوياتهم لكي يتسنى لهم التحدث بصراحة. كما تحدثت كذلك مع خبراء بارزين في حقوق الإنسان.
وعلى الرغم من اعترافها بأن عدد الضحايا في غزة “مفزع”، فإن نيوزويك ترى أنه لا يبدو غير متكافئ مع نوع التدابير المستخدمة بموجب القانون الدولي، مشيرة إلى استنادها فيما خلصت إليه على بيانات جديدة وحصرية حول حجم الهجمات الإسرائيلية.
غير أن ضابطا في القوات الجوية الأميركية شارك في مداولات داخل إدارة الرئيس جو بايدن ومناقشات مع نظرائه الإسرائيليين، قال إن “جانبا من المشكلة في نهاية المطاف يتعلق بغطرسة إسرائيل”، مضيفا أن الحقيقة البسيطة هي أن إسرائيل خسرت حرب المعلومات لأنها دمرت الكثير، حتى لو كان بإمكانهم تبرير كل هجوم فردي”.
ويعد الهجوم الإسرائيلي على غزة -طبقا لتحقيق نيوزويك- واحدا من أكثر الهجمات كثافة في الآونة الأخيرة، حيث يجري في منطقة تبلغ مساحتها 365 كيلومترا مربعا، أي ضعف مساحة العاصمة الأميركية واشنطن تقريبا ويسكنها حوالي 2.3 مليون شخص.
كثافة الهجمات
ووفقا لمعلومات لم تُنشر من قبل -كما تقول المجلة- فقد ضربت إسرائيل نحو 25 ألف “هدف” في غزة من الجو والبر والبحر، وألقت نحو 140 ألف صاروخ، 60% منها قذائف مدفعية و40% ألقيت بالطائرات.
وتقول السلطات الحكومية في غزة إن ما لا يقل عن 24 ألفا و500 مدني استشهدوا -من ضمنهم مفقودون تحت الأنقاض، وهو ما يقر المجتمع الإنساني الدولي بأنه صحيح.
ووفقا للسلطات الفلسطينية، فقد تم تدمير حوالي 10 آلاف مبنى، بما فيها العمارات الشاهقة، مع تضرر ما يقرب من 10 أضعاف هذا العدد.
وتقول إسرائيل إنها حددت أكثر من 800 فتحة أنفاق في نظام تحت الأرض يبلغ طوله 300 ميل، ودمرت أكثر من نصفها. كما تدعي أنها قتلت أكثر من 6 آلاف من مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وأسرت ألفا آخرين.
ويزعم ضابط كبير في الاستخبارات العسكرية الأميركية أن القصف الإسرائيلي كان “دقيقا” وتسبب في أضرار “جسيمة” بالمدنيين.
وعلى النقيض من هذا الزعم، يقول كين روث، المدير السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش والأستاذ الزائر في جامعة برينستون إنه “من الصعب تصديق أن مثل هذا الدمار الواسع النطاق كان لا بد منه لمواجهة التهديد الذي تشكله حماس”، وهو ما يعكس وجهة نظر يتقاسمها كثيرون في الحكومة الأميركية.
وبموجب القانون الدولي، فإن مبدأ التناسب يتطلب من القوات المسلحة الامتناع عن شن هجمات من شأنها أن تلحق أضرارا “مفرطة بالمدنيين مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة التي من المتوقع تحقيقها”.
ويجب على القوات المهاجمة اتخاذ الاحتياطات “الممكنة” لتقليل المخاطر التي يتعرض لها المدنيون.
وأفادت المجلة الأميركية أن إسرائيل امتنعت عن الإدلاء بتعليق بشأن ما أثير في هذا التحقيق من قضايا.
ويقول ضابط في سلاح الجو الإسرائيلي وافق على التحدث بشكل غير رسمي، إن عدد القتلى المدنيين “ضئيل” نظرا لطبيعة الصراع.
وتمضي نيوزويك في تحقيقها، وتقول إنه قد لا توجد إجابة قاطعة على السؤال العسكري والإستراتيجي حول ما هو عدد الضحايا المدنيين الذي يُعد مقبولا.
وتابعت القول إن منظمات خارجية -مثل منظمة إحصاء القتلى في العراق، ومشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها، وشركة “إيروورز” لتتبع وأرشفة الحروب الجوية الدولية ومقرها لندن- سعت جميعها إلى تقييم الوفيات بين المدنيين في غزة من خلال مقارنة العدد مع غيرها من الصراعات الحديثة من سوريا حتى أوكرانيا.
ومع أن كل تلك التقييمات خلصت إلى أن الحرب على غزة “غير مسبوقة”، إلا أنها لم تجب عن الكيفية التي تحدد مدى ضخامة أعداد الضحايا المدنيين الذين سقطوا.
وطبقا للتحقيق الصحفي، فقد شككت إسرائيل في صحة الأرقام الفلسطينية بحجة أنها تشمل مقاتلين من حماس، زاعمة أن الوفيات بين المدنيين هي نتيجة أخطاء الحركة “لأنها تختبئ وراءهم، أو تحت المدارس والمستشفيات، أو أنها نفسها تسببت هي نفسها بالعديد من الوفيات بأسلحتها الخاصة”.
وبحسب تقديرات الاستخبارات الأميركية، فإن القوات الجوية الإسرائيلية أسقطت في إحدى المرات قرابة ألفي قنبلة تزن ما مجموعه أكثر من ألف طن من المتفجرات خلال 72 ساعة.
هجوم على المدنيين
وتقول نيوزويك إنه وفق تقديرات الجيش الإسرائيلي والمخابرات الأميركية فإن كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، لديها ما يزيد قليلا على 25 ألف مقاتل موزعين على 24 كتيبة مكونة من 140 سرية قتالية، ومنها المشاة والمدفعية الصاروخية والمضادة للدبابات والطائرات، ووحدات الدفاع والهندسة.
فإذا تم إضافة إلى هذا العدد 17 ألف مقاتل آخرين تابعين لحركة الجهاد الإسلامي فإن العدد الإجمالي يصل إلى حوالي 42 ألف مقاتل، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وتختم نيوزويك تحقيقها بتصريح لضابط استخبارات أميركي كبير جاء فيه أن “إسرائيل تشن حملتها بحجة أنها تدمر حماس، في حين تقول إنها قتلت -بعد شهرين- حوالي 20% فقط من تقديرات ما قبل الحرب لعدد المقاتلين”، معربا عن خشيته من أن ما تقوم به في الواقع هو هجوم على المدنيين”.