تصاعدت حدة التوتر بين روسيا وبولندا مؤخرا إثر نشر وارسو عددا من قواتها على حدودها مع بيلاروسيا، وسط مخاوف بشأن وجود مجموعة “فاغنر” العسكرية الروسية الخاصة في المنطقة.
وقد أثار تمركز مجموعة فاغنر في بيلاروسيا -بعد التمرد الذي قاده زعيمها يفغيني بريغوجين ضد القيادة العسكرية الروسية الشهر الماضي- مخاوف بشأن استقرار بلدان عديدة في أوروبا الشرقية.
ووفق تقرير نشرته مجلة “نيوزويك” (Newsweek) الأميركية أمس السبت فقد نقلت بولندا، التي تشترك في حدود شمالية شرقية مهمة إستراتيجيا مع بيلاروسيا، ألف جندي من جيشها بالقرب من حدودها مع بيلاروسيا في وقت سابق من الشهر الجاري بسبب المخاوف المتعلقة بوجود فاغنر في أراضي جارتها الشرقية.
وكان النائب الروسي أندريه كارتابولوف قد رجح -في تصريحات أدلى بها الأسبوع الماضي- وجود تحضيرات روسية لشن هجوم على بولندا تقوم به مجموعة من مقاتلي فاغنر، وسط تأكيدات بولندية أوكرانية عن وجود مقاتلين من تلك المجموعة في بيلاروسيا.
تحضير لهجوم
ونقلت مجلة “نيوزويك” حينها عن كارتابولوف -الذي سبق أن شغل منصب نائب وزير الدفاع الروسي قبل أن يصبح نائبا في البرلمان الروسي- قوله “أعتقد أن الرئيس فلاديمير بوتين طرد مجموعة فاغنر إلى بيلاروسيا للتحضير لهجوم على بولندا”، مشيرة إلى أن القيادي العسكري الروسي السابق أدلى بهذا الرأي خلال ظهوره على التلفزيون الرسمي الروسي مع الإعلامي فلاديمير سولوفيوف.
وقال كارتابولوف إن “من الواضح أن شركة فاغنر العسكرية الخاصة ذهبت إلى بيلاروسيا لتدريب القوات المسلحة البيلاروسية، لكن ليس لهذا فقط هناك شيء مثل ممر سوالكي، وأنت تعرف جيدا ما هو، إذا حدث أي شيء فنحن بحاجة إلى هذا الممر”.
وبحسب “نيوزويك” فإن ممر سوالكي -وهو شريط صغير في الأراضي البولندية قرب كالينينغراد الروسية لكنه يكتسي أهمية إستراتيجية خاصة- طالما مثّل نقطة شائكة بالنسبة لموسكو.
وقد أدت هذه المخاوف إلى تدهور العلاقات بين وارسو وموسكو مؤخرا، بعد أن كانت متوترة أصلا بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
بوتين يحذر
وردا على خطوة بولندا، حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وارسو من شن هجوم على بيلاروسيا خلال اجتماع متلفز لمجلس الأمن القومي الروسي. وقال إن المناطق الغربية في بولندا الحالية كانت “هدية من ستالين” للبولنديين في نهاية الحرب العالمية الثانية.
وأكد بوتين أن “العدوان على بيلاروسيا يعني العدوان على الاتحاد الروسي، وسنرد عليه بكل الوسائل المتاحة لنا”.
وأبرز تقرير “نيوزويك” نقلا عن صحيفة بوليتيكو (Politico) أن بوتين ادعى أن بولندا تريد السيطرة على ما تزعم أنها “أراضيها التاريخية”، متهما إياها بالسعي للحصول على جزء كبير من أوكرانيا وتحلم بالحصول على الأراضي البيلاروسية.
وردّ رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي على بوتين عبر تويتر، مكررا أن “ستالين كان مجرم حرب، ومسؤولا عن مقتل مئات الآلاف من البولنديين” خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها.
محاولة تلميع
وأضاف مورافيتسكي أن تصريح الرئيس الروسي “محاولة لتلميع (سمعة) مجرم الحرب ستالين من قبل مجرم حرب آخر هو بوتين اليوم”.
وتطبيقا لقرارات اتخذتها القوى العظمى عام 1945 في أعقاب الحرب العالمية الثانية، توسعت حدود بولندا بنحو 300 كيلومتر في اتجاه الغرب، مقارنة بخريطة ما قبل الحرب.
وعليه احتفظ الاتحاد السوفياتي بالأراضي التي ضمها عام 1939 في شرق بولندا، بينما أُلحقت بعض المناطق التي كانت تابعة لألمانيا ببولندا.
وقد استدعت وزارة الخارجية البولندية -أمس السبت- السفير الروسي لدى وارسو عقب تصريحات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اتهم فيها بولندا بالسعي للتدخل المباشر في حرب أوكرانيا، بهدف ضم أجزاء من أراضيها.
وقال باول جابلونسكي نائب وزير الخارجية البولندي -في تصريحات صحفية- إن استدعاء السفير الروسي يأتي في أعقاب “تصريحات استفزازية لرئيس روسيا، بالإضافة إلى تهديدات وإجراءات غير ودية أخرى من جانب الاتحاد الروسي تجاه بولندا وحلفائنا”.