استخدمت صحيفة هآرتس الإسرائيلية صورا جوية قبل الحرب المتواصلة على قطاع غزة وبعدها، للدلالة على حجم الدمار الهائل الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي، واصفة المشاهد بأنها أشبه بما بعد القنبلة الذرية.
وفي تقرير تحت عنوان “سكان غزة فروا من منازلهم.. ليس لديهم مكان للعودة إليه”، قالت إن “الأقمار الصناعية تكشف حجم الدمار الهائل الذي لحق بقطاع غزة. الواقع الجديد الذي أوجدته عمليات الجيش الإسرائيلي سوف يؤثر على المنطقة برمتها لسنوات عديدة”.
ولفتت الصحيفة إلى تهجير مئات الآلاف من سكان غزة من منازلهم وتدمير مساحات واسعة من القطاع.
وقالت إن السكان والمسؤولين العسكريين والصحفيين يصفون مشاهد الدمار الهائل، وقال أحدهم (لم تسمه) بعد زيارة شمال غزة “الأمر أشبه بما بعد القنبلة الذرية”.
وأضافت أن التقدير الدقيق للدمار يشكل مهمة صعبة بسبب تواصل الحرب، ونظرا لأن الجيش الإسرائيلي يفرض قيودا على دخول الصحفيين، لكن من الممكن إنشاء خريطة للدمار باستخدام بيانات الأقمار الصناعية، والتي تظهر أن ما لا يقل عن نصف المباني في القطاع من المحتمل أن تكون قد تضررت أو دمرت، وفقا لباحثين أميركيين.
وتابعت أن معظم الدمار يقع في شمال غزة، لكن القتال المرير يدور أيضا في الجنوب، كما تظهر بيانات الأقمار الصناعية.
واقع إنساني مرير
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 1.7 مليون من سكان غزة فروا من منازلهم خلال الحرب، ومعظمهم الآن في الجنوب، وقد أقيمت مدن خيام ضخمة على طول الحدود المصرية.
وأردفت الصحيفة “لقد برز واقع إنساني وأمني ودبلوماسي جديد، وسيشكل المنطقة لسنوات قادمة”.
وزادت أن التقارير عن الحرب تؤكد على نطاق واسع الدمار في المنازل والمباني التجارية والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي والمرافق الطبية والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس ومراكز التسوق والمتاجر ومصانع المواد الغذائية ومراكز الإغاثة، كما تضررت الطرق والمواقع الأثرية والمقابر.
وأشارت إلى أن إحدى الخطوات الأولى التي اتخذها الجيش الإسرائيلي هي إصدار الأمر لسكان شمال غزة بالتوجه جنوبا، مؤكدة أن الآلاف فروا بسرعة، وقد استمرت حملة القصف العدوانية التي شنها الجيش الإسرائيلي دون انقطاع باستثناء وقف قصير لإطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما تم تبادل محتجزين بسجناء ومعتقلين فلسطينيين.
دمار هائل
وتابعت هآرتس مستعينة بصور من الأقمار الصناعية “سرعان ما تسبب القصف الإسرائيلي من الجو والبر والبحر في أضرار جسيمة في جميع أنحاء القطاع”.
وذكرت الصحيفة أنه من المرجح أن تكون نصف المباني في قطاع غزة على الأقل قد تضررت أو دمرت حتى 29 يناير/كانون الثاني الماضي، وفقا للباحثين الأميركيين كوري شير وجامون فان دن هوك، اللذين استخدما تحليل الأقمار الصناعية لإنشاء خريطتهما.
وأضافت: أشار الباحثان الأميركيان إلى أن خريطتهما لا توضح الحجم الدقيق للضرر الذي لحق بكل مبنى. لكنه يظهر أن الضرر في شمال غزة هو الأكبر، وأن الضرر في الجنوب كبير أيضا.
وتابعت: تظهر الخريطة أن الدمار الهائل قد حدث في مدينة غزة، حيث يقع التركيز الرئيسي للبنية التحتية المدنية في القطاع. وحتى لو لم يتم قصف تلك المباني المدنية، فإنها تقع في قلب المناطق التي تعرضت لقصف شديد، وستكون هناك حاجة إلى وقت وجهد كبيرين حتى تعود الحياة هناك إلى طبيعتها.
ولفتت إلى إشارة الأمم المتحدة إلى أن 60% من الوحدات السكنية قد تضررت أو دمرت، وفقا لبيانات منذ بداية فبراير/شباط الجاري.
وتقول الأمم المتحدة إن 390 منشأة تعليمية و20 منشأة للمياه والصرف الصحي و183 مسجدا و3 كنائس تضررت. وتعرضت المباني الحكومية، بما في ذلك البرلمان الفلسطيني في غزة، للأضرار أو للتدمير.
وذكرت الصحيفة أن صور الأقمار الصناعية تشير مثلا إلى تدمير الجزء الشرقي كاملا من حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وأكملت أن حي الشجاعية ليس المنطقة الوحيدة التي تعاني مثل هذا الدمار الهائل، حيث سُويت مبان كاملة أو مبان مجاورة بالأرض، فهناك أيضا بيت حانون (شمال) ومخيمي البريج والمغازي وبلدات جحر الديك (وسط) وبني سهيلا وخربة خزاعة (جنوب).
وأضافت أن الصور تظهر أيضا العديد من الحفر الناتجة عن القنابل، “وحتى نجمة داود الضخمة التي حفرها الجنود في الأرض قرب جامعة الأزهر في حي الرمال الذي كان حيا راقيا في مدينة غزة”.
وتابعت أن الدمار يظهر بشكل خاص في المناطق التي مر بها الجيش الإسرائيلي، مثل طريق الدخول الجنوبي للجيش الإسرائيلي إلى القطاع، الموازي للساحل، ويظهر الدمار الواسع النطاق في حي مدينة العودة بمدينة غزة، قرب الساحل وبجوار مخيم الشاطئ للاجئين.
وأشارت الصحيفة إلى أن حملة القصف الإسرائيلية أدت إلى إرسال مئات الآلاف من الأشخاص إلى الجنوب، وبالنسبة للعديد من الفلسطينيين، كان الفرار والتهجير من منازلهم بمثابة تكرار صادم لنكبة عام 1948.
المصدر : الصحافة الإسرائيلية + وكالة الأناضول