جدد مقتل الجندي الإسرائيلي ذي الأصول الفلبينية سيدريك غرين (23 عاما) الشهر الماضي في قطاع غزة إلى جانب 20 جنديا آخرين، جدل حقوق العمال الأجانب في إسرائيل، وفق ما أوردته صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
واستعرضت الصحيفة جوانب ذلك الجدل حيال من ليسوا يهودا لكنهم قتلوا في حرب شنتها حكومة لا تكاد تعترف بهم، فكان الالتحاق بالجيش الحل الأمثل الذي اختاروه أو اختاره لهم آباؤهم للظفر بجنسية كيان يعرّف نفسه على أنه وطن قومي لليهود حصرا.
ويرى تحقيق مطول -لآليسون كابلان سومر في صفحة شؤون الأسرة لصحيفة هآرتس بعنوان “هؤلاء الأطفال غير اليهود أكثر من يريدون إثبات ذاتهم”- أن ذلك يمثل سيفا مصلتا على أولئك حتى وأبناؤهم يخدمون في الجيش، بل ويُقتلون.
إذ كان على سيدريك (23 عاما) أن يخدم في الجيش ليظفر بالجنسية، وقد منح مقتله الفرصة لأبويه لينالاها أيضا، بعدما قررت حكومة بنيامين نتنياهو “إغداقها عليهما امتنانا”، وفق الصحيفة التي نقلت عن إيميدا (أم سيدريك) قولها وهي تبكي خلال جنازته ماذا عساني أفعل بها (الجنسية) بعد أن رحل؟”.
“جريمة” الإنجاب
وجاءت إيميدا إلى إسرائيل في تسعينيات القرن الماضي، مثل مئات النساء (كثير منهن فلبينيات) استقدمتهن شركات توظيف بمباركة حكومية للخدمة في قطاع الرعاية الصحية، وتزوجن وأنجبن في إسرائيل، لكن هؤلاء النساء كن يجبَرن حينها على التخلص من أطفالهن بإرسالهم إلى خارج إسرائيل، تحت طائلة التهديد بإلغاء تأشيرات عملهن.
فقد حرم سيدريك باكرا من أبيه ريكو بازيلو الذي طرد من إسرائيل قبل 22 عاما، ولم يلتق ابنه وجها لوجه إلا مرتين، وكان على سيدريك تحقيق “حلمه” بالالتحاق بوحدة قتالية في الجيش، لكن أمه كانت ترى في المشوار العسكري مجرد طريق عملي ليحصل على الجنسية.
كان سيدريك من محظوظين شُملوا بقانون مهد أمامهم طريق الجنسية في 2006، تبعه قانون آخر في 2010، فتح باب الإقامة الدائمة للأبوين، وفق الصحيفة الإسرائيلية.
وقد منح قانون 2010 حق الإقامة الدائمة لمن عمره 5 سنوات فما فوق ويتحدث العبرية بطلاقة ودخل أبواه إسرائيل قانونيا، مع وعد بمنحهم حق التقدم للجنسية إذا أدوا الخدمة العسكرية وكانوا “مواطنين صالحين” لمدة عام، وفق هآرتس.
وترى الصحيفة أن مقتل سيدريك اختصر على الأبوين كل هذا الطريق، إذ يشبه حالُ أبوي سيدريك حال مئات العمال الأجانب في إسرائيل، كثير منهم فلبينيون لم يلقوا اعترافا لا من المجتمع ولا من الحكومة، رغم أنهم يصنفون ضمن أكثر العمال الأجانب وطالبي اللجوء احتراما للقانون.
وتنقل الصحيفة عن جندي احتياط درّس سيدريك في المرحلة الابتدائية وشارك في جنازته أن”هؤلاء يأتون للعمل في وظائف يأنف منها الإسرائيليون..أطفالهم يريدون أن يشبهوا البقية في إسرائيل.. وهم يدركون أنهم إن أرادوا أن يكونوا إسرائيليين كاملي الحقوق فما عليهم إلا الالتحاق بالجيش”.
ويستعرض تحقيق الصحيفة أن هذا الواقع قد يبدو صادما في مكان آخر من هذا العالم، أن تكافح أم لإرسال ابنها إلى الجيش (للحصول على الجنسية).
وتذهب الصحيفة نحو اتهام الحكومات الإسرائيلية بمعاملة هؤلاء النسوة “معاملة المجرمات لمجرد أنهن أنجبن أطفالهن في إسرائيل”.
وتذكر هآرتس أن مئات من أبناء أولاء النسوة لا تنطبق عليهم معايير قانوني 2006 و2010، وهم يقتربون من سن المراهقة بوضع قانوني تصفه بالغامض، ودون أمل في مشوار عسكري قد يحسن فرصهم للفوز بالجنسية.