حذر مسؤولون أمميون من إمكانية تهجير سكان قطاع غزة إلى مصر، في ظل نزوح غالبية السكان نتيجة القصف والتوغل الإسرائيلي داخل القطاع.
وأجبرت إسرائيل المدنيين الفلسطينيين على المغادرة إلى أقصى جنوب القطاع، مما أدى إلى اكتظاظ كبير في مدينة رفح الحدودية مع مصر.
ومع دخول الحرب شهرها الثالث، اضطر نحو 85% من سكان قطاع غزة إلى ترك منازلهم.
من يحذر من ذلك؟
حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في قطر الأحد، من تزايد الضغط من أجل النزوح الجماعي إلى مصر.
وكرر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني ذلك -السبت- متهما إسرائيل بتمهيد الطريق لطرد سكان قطاع غزة جماعيا إلى مصر عبر الحدود.
وأشار لازاريني في مقال نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز إلى الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة واحتشاد المدنيين النازحين الذين فروا من القصف الإسرائيلي والحرب البرية قرب الحدود في الشمال ثم الجنوب، وقال إن التطورات التي نشهدها تشير إلى محاولات لنقل الفلسطينيين إلى مصر.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي -الأربعاء- في جنيف إن من الأهمية بمكان التشديد على عدم الترويج لعملية إجلاء السكان هذه وعدم التشجيع عليها أو فرضها.
وسبق لمصر والأردن ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن حذروا من محاولات تهجير سكان غزة فيما استبعدت إسرائيل والولايات المتحدة الفكرة.
هل ستجبر إسرائيل الفلسطينيين على مغادرة غزة؟
علق متحدث باسم هيئة تنسيق الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) على ذلك قائلا “لا توجد ولم تكن هناك قط، ولن تكون هناك خطة إسرائيلية لنقل سكان غزة إلى مصر، هذا ببساطة غير صحيح”.
لكن أعضاء في الحكومة الإسرائيلية دافعوا علنا عن فرضية مغادرة الفلسطينيين للقطاع.
فخلال الشهر الماضي، كتب وزير المال بتسلئيل سموتريتش على فيسبوك “مرحبا بالهجرة الطوعية لعرب غزة إلى دول العالم”.
كما دعت وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية غيلا غملئيل إلى تشجيع إعادة التوطين الطوعي للفلسطينيين من غزة خارج قطاع غزة، لأسباب إنسانية.
واقترح مسؤولون إسرائيليون سابقون في مقابلات تلفزيونية أن مصر بإمكانها إقامة مدن خيام واسعة في صحراء سيناء، بتمويل دولي.
ما هو الرأي القانوني؟
إن طرد المدنيين محظور بموجب اتفاقيات جنيف التي تشكل جوهر القانون الإنساني الدولي.
وقالت شيلا بايلان، المحامية الدولية في مجال حقوق الإنسان والمستشارة السابقة للأمم المتحدة “إذا تم ذلك في سياق نزاع مسلح، فهو جريمة حرب”.
وبموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن الترحيل أو النقل القسري للسكان مُدرج كجريمة ضد الإنسانية.
وأوضحت بايلان أنه لا يحتاج القادة للقيام بإعلان صريح حول ضرورة مغادرة الأشخاص حتى يتم اعتبار ذلك ترحيلا قسريا، مؤكدة إذا جُعلت ظروف العيش مستحيلة أمام الناس، فلن يكون أمامهم خيار آخر.
وأشارت إلى حصول إدانات ناجحة متعددة بشأن التهجير القسري للمدنيين، بما في ذلك في المحكمة الجنائية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة والمحكمة الخاصة بسيراليون والمحكمة الجنائية الدولية.
ما هو السياق التاريخي؟
في عام 1948، شُرّد وهُجر أكثر من 760 ألف فلسطيني خلال الحرب التي اندلعت إبان قيام دولة إسرائيل، ونحو 80% من سكان غزة هم أنفسهم لاجؤون أو أبناء وأحفاد اللاجئين الذين هُجروا من منازلهم خلال النكبة.
كما أن هناك قرابة 6 ملايين لاجئ فلسطيني في المنطقة مسجلون لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وخلال حرب عام 1967 التي احتلت خلالها إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية، حدث المزيد من عمليات النزوح.
ما رأي الدول الأخرى؟
بعد أيام على اندلاع الحرب في غزة، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سكان غزة إلى “الثبات والبقاء على أرضهم”.
ومصر أول دولة عربية وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل في العام 1979، تلاها الأردن في 1994.
وانتقد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال مؤتمر في الدوحة بحضور غوتيريش، الجهود المنهجية التي تبذلها إسرائيل لتفريغ غزة من شعبها.
كذلك، رفض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بشكل قاطع فكرة طرد الفلسطينيين من قطاع غزة، قائلا إنه يجب أن يكونوا قادرين على البقاء في ديارهم بينما تقاتل إسرائيل حركة المقاومة الإسلامية (حماس).