قالت صحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post) الأميركية إنه بات من الواضح أن فريق كرة القدم في مدينة فالنسيا الإسبانية لن يتلقى أي عقوبة، رغم إساءات جمهوره العنصرية.
وأشارت الصحيفة في تقرير إلى أنه عادة ما يكون عدم التسامح هو الرد الصحيح على العنصرية، ولكن في كرة القدم الإسبانية، حيث استهدفت هتافات المشجعين البيض العنصرية لاعبا أسود شابا الشهر الماضي، كانت ردود الفعل باهتة.
وأضافت أن ساحة هذه المدينة أضحت منبرا لمظاهرة حاشدة للتعصب الصارخ في الشهر الماضي عندما هتف مئات أو ربما الآلاف من المشجعين قائلين “القرد”، في إشارة إلى لاعب ريال مدريد البالغ من العمر 22 عاما، فينيسيوس جونيور. وقد أعرب فينيسيوس جونيور، وهو لاعب أسود من البرازيل يتمتع بمهارات فائقة، عن غضبه في الملعب، مشيرا إلى المدرجات.
ووفق الصحيفة، أشار بعض المعلقين في وسائل الإعلام الإسبانية إلى أن طريقة لعبه الحماسية قد “استفزت” الجماهير بطريقة ما. وقد قام خافيير تيباس، رئيس الدوري الإسباني لكرة القدم، بتوبيخ اللاعب لعدم حضوره اجتماعين سابقين مع المسؤولين لمناقشة الحوادث العنصرية. وبعد تعرضه لانتقادات لاذعة بسبب هذه “الملاحظة الجاهلة”، اعتذر اللاعب لاحقا.
وبينت الصحيفة أنه تم تخفيض العقوبة التي فرضها الاتحاد في البداية على فريق فالنسيا -وهي غرامة قدرها 45 ألف يورو (حوالي 50 ألف دولار) وإغلاق مجموعة واحدة من المدرجات لـ5 مباريات عند الاستئناف- إلى غرامة قدرها 27 ألف يورو فقط وإغلاق المدرجات في 3 مباريات فقط، واشتكى الفريق من أن العقوبة كانت “غير عادلة”.
العنصرية والحوادث العنصرية ليست جديدة في كرة القدم الإسبانية أو الأوروبية، ورغم جهود تيباس للتقليل من أهمية العنصرية في فالنسيا باعتبارها واحدة من “الحوادث المنفردة”، اعترف الدوري الإسباني بأنه قدم 9 شكاوى قانونية في الموسمين الماضيين بسبب سوء المعاملة التي استهدفت فينيسيوس جونيور فقط، من ضمن حوالي 200 لاعب أسود في الدوري.
وكتب فينيسيوس جونيور في حساباته على منصات التواصل الاجتماعي “لم تكن هذه هي المرة الأولى ولا الثانية ولا الثالثة. باتت العنصرية أمرا طبيعيّا في الدوري الإسباني. ويعتقد عالم كرة القدم أنه أمر طبيعي، ويؤيد الاتحاد ذلك أيضا والخصوم يشجعونه”، وقال إن إسبانيا أصبحت معروفة في موطنه البرازيل “كدولة عنصرية”.
وتسببت هذه المعاملة المسيئة في فالنسيا بوقوع أزمة دولية؛ فقد أدان الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الحادثة، إلى جانب وزارة الخارجية الأميركية والأمم المتحدة. وألقت الشرطة الإسبانية القبض على 7 أشخاص يشتبه في ارتكابهم أفعالا عنصرية تتعلق بفينيسيوس جونيور، والتي قد تكون جرائم كراهية بموجب القانون الإسباني.
ووفق الصحيفة، يجب أن يدفع الحادث السلطات الرياضية في إسبانيا وأماكن أخرى إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة لتأديب المشجعين والفرق والبطولات والاتحادات الرياضية الوطنية المتواطئة في الحفاظ على الوضع الراهن.
وأكدت الصحيفة أنه يجب على رعاة الدوري الإسباني، بما في ذلك “أديداس” و”نايك” و”بوما” وكُبرى الشركات الأخرى التفكير في سحب دعمهم، خشية أن تتشوه سمعة علاماتهم التجارية وترتبط بالتعصب الأعمى. وينبغي على الدوري أن يأمر الفِرق بلعب المباريات أو لعب مواسم كاملة بلا جمهور إذا كان هذا هو ما يلزم لنقل رسالة إلى المشجعين بأن الإساءة العنصرية غير مقبولة.
وتابعت الصحيفة قائلة إنه يمكن للدوري خصم النقاط من الفرق التي تكون مدرجاتها مركزا للحوادث العنصرية، أو تهديد فرصها في فترة ما بعد الموسم، أو خفض ترتيبها. ويمكن أن يتخذ الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الهيئة الحاكمة لكرة القدم في القارة، خطوات لحظر الفرق أو البطولات من المنافسة الدولية. ويمكن أن تشير الفيفا، الهيئة الحاكمة الدولية لكرة القدم، إلى أن وقوع المزيد من الحوادث العنصرية سيؤدي إلى استبعاد إسبانيا من عرضها المشترك مع البرتغال والمغرب لاستضافة كأس العالم 2030.
واختتمت الصحيفة التقرير بالقول إن الرضا عن الذات كان هو الخيار الافتراضي في مواجهة الانتهاكات السابقة، وهو ما يمثل وصمة عار في كرة القدم والمجتمع، مشددة على أنه لدى قادة الرياضة أدوات للقضاء على العنصرية في مدرجاتهم، ويجب عليهم استخدامها.