إن هزيمة أيديولوجيا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضرورية ولكن الأساليب الإسرائيلية لن تؤدي إلا إلى تعزيز تلك العقيدة، وإن ملاحقة حماس أمر مشروع، ولكن محو مساحات شاسعة من غزة ليس كذلك، وإن استخدام القوة المتناسبة أمر قانوني لكن العقاب الجماعي والترحيل القسري للمدنيين ليسا كذلك.
بهذه الجمل لخصت صحيفة صنداي تلغراف مقالا للنائب البريطاني بن والاس قال فيه إن الاعتقالات في أيرلندا الشمالية علمتهم أن “الرد غير المتناسب من جانب الدولة يمكن أن يكون أفضل وسيلة تجنيد لمنظمة إرهابية” وفق تعبيره، وبالتالي فإن مشاهدة الأحداث في قطاع غزة كل يوم تجعل الكثيرين يشعرون بعدم الارتياح أكثر فأكثر.
ومع أن الكاتب يدين حماس بالمطلق ويعتبرها من حيث المبدأ معادية للسامية وللديمقراطية وليست مهتمة بالتعايش السلمي مع إسرائيل ولا بحل الدولتين أيضا فإنه بالمقابل يؤمن بشدة أيضا بالالتزامات المترتبة على اتفاقيات جنيف ولا يقبل من جميع الموقعين عليها إلا أن يلتزموا بها.
ولذلك، يرى وزير الدفاع البريطاني السابق أن إسرائيل تقوض بنفسها السلطة القانونية الأصلية في الدفاع عن النفس من خلال أفعالها، وهي بذلك ترتكب خطأ فقدان سلطتها الأخلاقية إلى جانب سلطتها القانونية.
الغضب القاتل لن يصلح الأمور
ويرى بن والاس أن العار الذي يشعر به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب عدم توقعه هجمات طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عميق جدا، خاصة أنه قدم نفسه على أنه صقر أمني ورجل قوي، ولكنه مخطئ إذا ما ظن أن الغضب القاتل سيصلح الأمور، ولعل تكتيكاته سوف تغذي الصراع لمدة 50 عاما أخرى.
والنتيجة -بحسب الكاتب- هي أنه عندما ينتهي كل هذا وينسحب الجيش الإسرائيلي مما تبقى من غزة ستظل حماس موجودة، وما سيختفي هو صوت الفلسطينيين المعتدلين الذين يريدون حل الدولتين، وسيكون التعاطف الدولي قد انتهى وستضطر إسرائيل إلى العيش في حالة حصار أكبر.
ونفى بن والاس أنه يدعو إلى وقف إطلاق النار بشرط تغيير ميثاق حماس، ولكن “ما أقوله هو أن إسرائيل بحاجة إلى وقف هذا الأسلوب الفظ والعشوائي للهجوم، وعليها أن تحارب حماس بطريقة مختلفة”، وفق تعبيره.
لكن افتقار الجيل الجديد من الساسة الإسرائيليين إلى الحكمة -كما يقول الكاتب- دفعهم إلى أن يتصرفوا وكأنهم “ثور في متجر صيني”، وهم ينتقلون من أزمة إلى أخرى، وفي النهاية حل الدولتين هو “الحل منذ إنشاء إسرائيل الحديثة”.
وخلص بن والاس إلى أن الطريق إلى السلام في الشرق الوسط هو نفس الحل في أيرلندا الشمالية، مما يعني المحاولة وبذل كل ما يمكن لـ”تهميش التطرف”، ومع اتفاقيات أوسلو اقتربنا من تحقيق حل الدولتين، والآن حان الوقت لإعادة تنشيط تلك العملية.