اعتبر الحزب الانفصالي الكتالوني الفوز غير الحاسم للحزب الشعبي اليميني في الانتخابات النيابية الإسبانية فرصة لتحقيق استقلال كتالونيا، وسط حالة من الضبابية السياسية تخيم على إسبانيا وتحمل في طياتها احتمال إجراء دورة اقتراع جديدة.
وقال الأمين العام للحزب الانفصالي الكتالوني “معا لأجل كتالونيا” جوردي تورول اليوم الاثنين، إن الحزب سيسعى لاستغلال “الفرصة” التي أتاحتها الانتخابات العامة في إسبانيا لتحقيق استقلال كتالونيا.
وأضاف في مقابلة مع محطة الإذاعة المحلية “آر إيه سي1” أن إجراء استفتاء في كتالونيا وصدور عفو سياسي أمران رئيسيان لحل الصراع السياسي هناك.
ويمكن أن يكون لحزب “معا لأجل كتالونيا” دور محوري في إتاحة الفرصة لرئيس وزراء إسبانيا الاشتراكي بيدرو سانشيث لتشكيل الحكومة الجديدة، خصوصا أنه استبعد تأييد الحزب الشعبي اليميني الذي جاء في المقدمة في الانتخابات التي جرت أمس الأحد.
وبدأ كل سانشيث وخصمه المحافظ ألبرتو نونييس فيخو مداولات اليوم الاثنين لتشكيل تحالفات تتيح لأحدهما تولي السلطة وتجنّب اقتراع جديد.
واستطاع سانشيث أن يحد من مكاسب المعارضة اليمينية وأن يحتفظ، خلافا لكل التوقعات، بفرصة للبقاء في السلطة قد توفرها له لعبة التحالفات.
وحصد الحزب 122 مقعدا، مقابل 31 لحليفه حزب سومر من أقصى اليسار.
ونال الحزب الشعبي بزعامة نونييس فيخو 136 مقعدا، بينما نال حزب “فوكس” اليميني المتطرف، حليفه الوحيد المحتمل في أي ائتلاف حكومي، 33 مقعدا. وبذلك، جمع الحزبان 169 مقعدا برلمانيا، أي أقل من الغالبية المطلقة (176 من أصل إجمالي المقاعد البالغ 350).
خريطة التحالفات
ومع خروجه متفوقا نسبيا في انتخابات الأحد، شدد فيخو على أحقية اليمين بتشكيل الحكومة المقبلة، وقال أمام مقر الحزب في مدريد، إن الحزب الشعبي “فاز في الانتخابات وبصفتي مرشح الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات، أعتقد أن من واجبي” محاولة “تشكيل حكومة”.
وأكد فيخو أنه سيشرع “في حوار” مع القوى الممثلة في البرلمان من أجل “تشكيل حكومة”، داعيا الاشتراكيين الى عدم عرقلة جهوده. وقال “سنتحدث كثيرا خلال الأيام والأسابيع المقبلة”، مشددا في الوقت عينه على أن المرحلة “لن تكون سهلة”.
على الجانب الآخر تجمع ناشطون اشتراكيون الليلة الماضية أمام مقر الحزب مرددين شعار “لن يمرّوا” المناهض للفاشيين وعرف في حقبة الحرب الأهلية (1936-1939). وأكد سانشيث أمامهم قدرته على الاستمرار في تولّي السلطة.
وقال رئيس الوزراء الإسباني إن “الكتلة الرجعية للحزب الشعبي ولحزب فوكس هُزمت”، وأضاف “نحن الذين نريد أن تواصِل إسبانيا التقدم، عددنا أكبر بكثير”.
ومع نيله 153 مقعدا برلمانيا، سيحتاج تحالف الحزب الاشتراكي وحزب سومر إلى دعم تشكيلات إقليمية مختلفة مثل “إي آر سي” الكتالونية، أو “بيلدو” الباسكية التي تعد بمثابة وريثة الواجهة السياسية لتنظيم “إيتا”.
وفي حال توافرت كل العناصر، يمكن لسانشيث أن يحصل على 172 نائبا مواليا له في البرلمان، أي أكثر مما سيتوفر لزعيم الحزب الشعبي، مما سيكون كافيا في دورة ثانية من التصويت على تسمية رئيس الحكومة، إذ تكفيه غالبية بسيطة للخروج فائزا.
وفي حال لم يتم ذلك، ستجد إسبانيا نفسها بعد إجرائها 4 انتخابات عامة بين عامي 2015 و2019، أمام أزمة انسداد في الأفق السياسي، ويرجح أن تكون مرغمة على الدعوة إلى دورة اقتراع جديدة من أجل الخروج من الأزمة.