قال الكاتب جمال كانج، في تقرير نشره موقع “كاونتر بانش” الأميركي، إن الزعماء الدوليين الذين اصطفوا للتعهد بدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد أكبر عملية هروب من سجن في الهواء الطلق (في إشارة إلى قطاع غزة المحاصر) في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مهدوا الطريق لحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي تلت ذلك.
وأضاف كانج أن تعليق التمويل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يكمل الإبادة الجماعية التي يرتكبها نتنياهو من خلال مفاقمة المجاعة التي تلوح في الأفق والتي صنعتها إسرائيل.
وأضاف بأن التجميد المتسرع للمساعدات المالية من قبل الولايات المتحدة والدول المانحة الأخرى دون إجراء تحقيقات مستقلة في صحة الادعاءات الإسرائيلية ضد موظفي الأونروا يزيد الحصار الإسرائيلي ويعمّق معاناة المدنيين في غزة.
وأشار الكاتب إلى أن سكاي نيوز البريطانية -التي اطلعت على الملف الإسرائيلي حول “الأدلة” المزعومة ضد موظفي الأونروا- قالت إنها “لم تر دليلا على ذلك، والعديد من الادعاءات حتى لو كانت صحيحة لا تورط الأونروا بشكل مباشر”. مع ذلك، قام المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني بفصل المتهمين بإجراءات موجزة، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، ربما على أمل تجنب رد الفعل المبالغ فيه من جانب الدول المانحة.
تدمير للسكان
وأضاف الكاتب أنه من المرجح أن يؤدي القرار غير الحكيم، بوقف تمويل أكبر وأقدم وكالة تابعة للأمم المتحدة تخدم الفلسطينيين، إلى سوء تغذية الأطفال الصغار، كما أن هذا القرار سيُعيق قدرة الأونروا على تقديم المساعدة الإنسانية الحاسمة لمليوني مدني نازح، بما في ذلك 17 ألف طفل غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عن والديهم نتيجة للمذبحة الإسرائيلية في غزة.
وأوضح بأن المطالبات الإسرائيلية ضد موظفي الأونروا قد تكون إما مبالغا فيها وإما لا أساس لها من الصحة، ولن يكون الأمر مختلفا عن المعلومات المضللة الإسرائيلية المفضوحة بشأن الأطفال مقطوعي الرأس والاغتصاب والعنف الجنسي وتشويه النساء التي نشرتها صحيفة هآرتس الإسرائيلية في أعقاب أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وحتى لو كانت الادعاءات الإسرائيلية ضد عدد من الأفراد ذوي الرتب الدنيا تحمل بعض الصحة، فلماذا يجب أن تكون الأونروا مسؤولة عن السلوك الذي يقوم به الموظفون خارج ساعات عملهم، ولا يرتبط بواجبات عملهم؟
بالمقابل، أكد كانج أن الأونروا فقدت 152 موظفا خلال أكثر من 100 يوم من المذابح الإسرائيلية، وهو ما يزيد بنسبة 1300% عن عدد الموظفين المتهمين.
ومع أخذ ذلك بعين الاعتبار، يجب على المرء أن يتساءل عما إذا كانت الدول المانحة ومفوض الأونروا قد اعتبروا احتمال أن تكون هذه الادعاءات مناورة إسرائيلية لصرف الانتباه عن مسؤوليتها عن قتل 152 موظفًا في الأونروا.
هوس سخيف
وذكر الكاتب أنه من خلال الإيقاف الفوري لتمويل الأونروا، فإن الجهات المانحة الغربية تنغمس في الغطرسة الإسرائيلية وهوسها السخيف بتشويه الدور الحيوي الذي تلعبه الأونروا في منع المجاعة في غزة، لدرجة أن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت يساوي شريان الحياة الإنساني للأونروا في غزة بالحرب ضد إسرائيل.
وقال غالانت لوفد من سفراء الأمم المتحدة إن الأونروا هي “حماس مع عملية تجميل”. وفي إشارة إلى خطابه بشأن الأهداف العسكرية الإسرائيلية في غزة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي للوفد نفسه إن “مهمة الأونروا يجب أن تنتهي”.
وشدد التقرير على أهمية إدراك أن الجهود الإسرائيلية لتقويض الأونروا ليست تطورا حديثا ولا ترتبط بالضرورة بالحرب الحالية على غزة. فقد قامت إسرائيل لسنوات بالضغط على الإدارات الأميركية المختلفة لوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة.
وقال الكاتب إنه لولا الأونروا، لما أتيحت لآلاف الأطفال اللاجئين الفلسطينيين الفرصة للالتحاق بالمدارس، ولم يكن هو شخصيا ليتمكن من أن يصبح مهندسا محترفا ومؤلفا، ولم تكن لتتاح له فرصة للكتابة عن تجربته كلاجئ فلسطيني.
ولعل هذا هو على وجه التحديد السبب الذي يجعل القادة الإسرائيليين يريدون “إنهاء مهمة الأونروا”. فعلى مدى السنوات الـ73 الماضية، لعبت مدارس الأونروا دورًا حاسمًا في تعليم عشرات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين، وذلك يحطم رغبة إسرائيل في تحويل الفلسطينيين إلى “حطام بشري”.