بعد إسقاط فصائل المعارضة السورية لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد الأحد الماضي، بادرت إسرائيل لتوسيع رقعة احتلالها لمرتفعات الجولان وتوغلت في المنطقة الحدودية العازلة.
وعلى لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، أعلنت إسرائيل “انهيار” اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974، التي أقيمت على أساسها هذه المنطقة.
وفي الأيام الماضية أعلنت إسرائيل الدفع بقوات كبيرة إلى الحدود لمنع المعارضة السورية من الوصول إليها، وبررت “انهيار الاتفاقية” بانسحاب الجيش السوري من مواقعه.
وقال نتنياهو “نعمل بالدرجة الأولى على حماية حدودنا. لقد انهارت اتفاقية فك الاربتاط بترك الجنود السوريين لمواقعهم”.
وفي خطاب باللغة العبرية، قال نتنياهو “أوعزت إلى الجيش بالاستيلاء على المنطقة العازلة والمواقع المجاورة لها، ولن نسمح لأي قوة معادية بالتموضع على حدودنا”.
لكن في بيانه باللغة الإنجليزية، تحدث نتنياهو عن وجود مؤقت لا احتلال إذ قال “في الليلة الماضية انهارت الاتفاقية، فقد تخلى الجيش السوري عن مواقعه”.
وتابع “أصدرنا الأوامر للجيش بالاستيلاء على هذه المواقع، لضمان عدم تمركز أي قوة معادية بالقرب من حدود إسرائيل. وهذا موقف دفاعي مؤقت إلى أن يتم التوصل إلى ترتيب مناسب”.
1 فما اتفاقية 1974؟
تم توقيع اتفاقية فصل القوات بين سوريا وإسرائيل بجنيف السويسرية في 31 مايو/أيار 1974، بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد السوفياتي (سابقا) والولايات المتحدة، وأنهت حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 وفترة استنزاف أعقبتها على الجبهة السورية.
وبموجب الاتفاقية، أنشئ خطان فاصلان، إسرائيلي (باللون الأزرق) وسوري (باللون الأحمر)، وبينهما المنطقة العازلة.
وفي المنطقة العازلة تتولى القوات التابعة للأمم المتحدة “يوندوف” مهمة مراقبة تنفيذ الاتفاقية، على أن تكون المنطقة تحت السيادة السورية.
وتنص الاتفاقية كذلك على أن تتولى “يوندوف” المحافظة على وقف إطلاق النار، والتأكد من أنه يراعى بدقة، وتشرف على الاتفاقية والبروتوكول الملحق بها بشأن مناطق الفصل والتحديد.
و”في قيامها بمهمتها، تتقيد (القوة الأممية) بالقوانين والأنظمة السورية المطبقة بصورة عامة، ولن تعرقل عمل الإدارة المدنية المحلية”
كما “ستتمتع بحرية الحركة والاتصال والتسهيلات الأخرى الضرورية لمهمتها، وستكون متحركة ومزودة بأسلحة فردية ذات صفة دفاعية، ولن تستخدم هذه الأسلحة إلا دفاعا عن النفس”.
و”تكون قوة مراقبي فصل القوات التابعة للأمم المتحدة تحت سلطة مجلس الأمن، وتقوم بأعمال تفتيش بموجب الاتفاقية وتقدم تقارير عنها إلى الأطراف على أساس منتظم، وبتكرار لا يقل عن مرة كل خمسة عشر يوما”.
2- ما قوام القوة الأممية؟
استنادا إلى الموقع الإلكتروني لقوة مراقبة فض الاشتباك، فإنه في أغسطس/آب 2024، بلغ عدد أفرادها 1309، هم 1117 جنديا و59 ضابطا و133 مدنيا.
ويشير إلى أن أكثر 10 دول مساهمة في القوة هي: نيبال (451) وأوروغواي (211) والهند (201) وفيجي (149) وكازاخستان (140) وغانا (5) وبوتان (4) وجمهورية التشيك (4) وأيرلندا (4) وزامبيا (3).
3- ما المنطقة العازلة؟
وفق موقع “يوندوف”، فإن المنطقة العازلة “يبلغ طولها أكثر من 75 كيلومترا ويراوح عرضها بين نحو 10 كيلومترات في الوسط و200 متر في أقصى الجنوب”.
وذكر أن التضاريس جبلية، ويهيمن عليها في الشمال جبل الشيخ على ارتفاع 2814 مترا.
وعلى كل جانب من المنطقة الفاصلة توجد منطقة حدود بها 3 مناطق: منطقة من 0 إلى 10 كيلومترات من المنطقة الفاصلة، ومنطقة من 10 إلى 20 كيلومترا من المنطقة الفاصلة، ومنطقة من 20 إلى 25 كيلومترا من المنطقة الفاصلة، وفق الموقع.
وتقوم قوة الأمم المتحدة، بدعم من مجموعة مراقبي هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة في الجولان، بتفتيش هذه المناطق الفاصلة ومراقبتها باستمرار، للتأكد من مراعاة القيود المتفق عليها في الأسلحة والقوات.
و”تظل مسؤولية الحكم والشرطة في المنطقة الفاصلة على عاتق الدولة المضيفة، رغم وجود مجموعات مسلحة مختلفة داخل المنطقة”، حسب موقع القوة الأممية.
4- هل تضم المنطقة قرى سورية؟
حسب خريطة منشورة على موقع القوة الأممية، “توجد في المنطقة الفاصلة العديد من القرى أبرزها: طرنجة، جباتا الخشب، أوفانيا، مدينة بعث، حميدية، القنيطرة، بئر العجم، بريقه، الأصبح، الرفيد، الصمدانية الغربية، القحطانية”.
والأحد، أنذر الجيش الإسرائيلي سكان قرى أوفانيا والقنيطرة والحميدية والصمدانية الغربية والقحطانية بعدم مغادرة منازلهم بعد أن أشار إلى وجود جنوده في هذه المناطق.
5- مَن سكان الجولان؟
احتلت إسرائيل هضبة الجولان السورية في حرب 5 يونيو/حزيران 1967، وأعلنت لاحقا ضمها إليها في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي.
وتقول وزارة الخارجية السورية، على موقعها الإلكتروني، إن مساحة المنطقة المحتلة من الجولان تبلغ 1150 كيلومترا مربعا، وتشمل 137 قرية و112 مزرعة، إضافة إلى مدينتي القنيطرة وفيق.
وتشير إلى أن عدد المستوطنات في الجولان 45 مستوطنة منتشرة على أنقاض القرى العربية السورية التي دمرتها إسرائيل.
وفي 14 ديسمبر/كانون الأول 1981، أقرّ الكنيست الإسرائيلي ما يُسمى “قانون الجولان”، وهو قرار بضم الهضبة المحتلة، وتم بموجبه “فرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية على الجولان”.
لكن مجلس الأمن الدولي رد بسرعة على هذه الخطوة بإصدار قراره رقم 497، في 17 ديسمبر/كانون الأول 1981، الذي أكد فيه أن قرار إسرائيل ضم الجولان “لاغيا وباطلا وليس له أي أثر قانوني على الصعيد الدولي”، مطالبا تل أبيب بإلغائه.
وفي 25 مارس/ آذار 2019، وقع الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب مرسوما اعترفت بموجبه الولايات المتحدة بهضبة الجولان المحتلة جزءا من حليفتها إسرائيل.
ويقدر عدد سكان مرتفعات الجولان السورية المحتلة بنحو 40 ألفا، أكثر من نصفهم من المواطنين الدروز والبقية مستوطنون إسرائيليون.
وترفض قطاعات كبيرة من المواطنين الدروز الخدمة في الجيش الإسرائيلي.
6- ما أهمية الجولان لإسرائيل؟
تقول وزارة الخارجية الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني “تنبع الأهمية الإستراتيجية للمنطقة من موقعها المطل على منطقة الجليل الإسرائيلية، وأنها تزود بحيرة طبريا (بحر الجليل)، المصدر الرئيسي للمياه لإسرائيل، بثلث مياهها”.
وجاء في دراسة لمعهد ٍإسرائيلي صدرت عام 2019 “توفر الهضبة الإستراتيجية مزايا دفاعية لا تقدر بثمن وتعزز قوة الردع الإسرائيلية”.
وأضافت أن “مرتفعات الجولان عبارة عن هضبة صخرية يراوح ارتفاعها في الغالب بين ألف و1200 متر، وتبلغ مساحتها الإجمالية 1800 كيلومتر مربع إلى الشمال الشرقي من إسرائيل، ويمثل نهر الأردن وبحر الجليل حدودها الغربية، ويمثل نهر اليرموك نهايتها الجنوبية، ويحدها خط مستجمعات المياه من الشرق”.
و”يمثل جبل الشيخ الطرف الشمالي للمرتفعات. ويوفر الجبل وسيلة ممتازة لمراقبة المنطقة بأكملها حتى دمشق التي تبعد نحو 60 كيلومترا فقط إلى الشرق، وحتى خليج حيفا على البحر الأبيض المتوسط إلى الغرب، وتسيطر مرتفعات الجولان على وادي نهر الأردن، والجليل الإسرائيلي إلى الغرب منه، والمداخل المؤدية إلى دمشق إلى الشرق منه”، وفق المعهد.
واعتبرت “سيطرة إسرائيل على إحدى قمم جبل الشيخ في شمال الجولان توفر لها أيضا قدرات مذهلة في جمع المعلومات الاستخبارية، فهي تمكن من استخدام المراقبة الإلكترونية في عمق الأراضي السورية، مما يوفر لإسرائيل القدرة على الإنذار المبكر في حالة وقوع هجوم وشيك”.
ورأى المعهد أن “قرب الجولان من دمشق له قيمة ردع هائلة، لأنه يضع العاصمة، المركز العصبي للنظام السوري، في متناول القوة العسكرية الإسرائيلية بسهولة”.