تواصل توافد المهاجرين غير النظاميين إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية القريبة من السواحل التونسية ليتجاوز عددهم حسب تقديرات أولية السكان المحليين، في حين طالبت إيطاليا بتدخل الأمم المتحدة لمواجهة الأزمة.
وقال الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيديريكو فوسي لوكالة الصحافة الفرنسية إن أكثر من 8500 شخص وصلوا إلى الجزيرة بين الاثنين والأربعاء، أي ما يتجاوز عدد السكان المحليين البالغ عددهم نحو 7 آلاف، لكن بعض المصادر أشارت إلى تراجع عدد الوافدين منذ أمس الجمعة.
في غضون ذلك، استمرّت عمليات وصول مهاجرين إلى الجزيرة، بمفردهم أو مع خفر السواحل، وأكدت رئيسة قسم الهجرة في الصليب الأحمر الإيطالي فرانشيسكا باسيلي -صباح أمس السبت- أن “المهاجرين مستمرون في الوصول، لكننا قادرون على إدارة ذلك”.
ونظرا لضيق مساحة مركز الاستقبال الذي يديره الصليب الأحمر الإيطالي ويتسع لـ400 نزيل فقط، اضطر مئات المهاجرين بمن فيهم أطفال، إلى قضاء ليلتهم في العراء بشوارع الجزيرة التي تقع بين تونس ومالطا وجزيرة صقلية الإيطالية.
وتبعد جزيرة لامبيدوسا نحو 150 كيلومترا عن الساحل التونسي، وتعد أولى محطات رسو قوارب المهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط أملا في الوصول إلى إيطاليا والمرور بعدها نحو بلدان أخرى في القارة العجوز.
وخلال فصل الصيف من كل عام، يعبر عشرات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين البحر على متن قوارب صيد صغيرة في عمليات محفوفة بالمخاطر تنتهي أغلبها بالغرق والموت في عرض البحر، وحسب إحصائيات حديثة لقي أكثر من ألفَي شخص حتفهم منذ مطلع العام الحالي.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، تراجع تدفق المهاجرين إلى لامبيدوسا -أمس الجمعة- في وقت تواصل فيه السلطات الإيطالية نقل الآلاف ممن وصلوا لامبيدوسا إلى جزيرة صقلية ومناطق أخرى في البلاد.
The tiny Mediterranean Italian island of Lampedusa has been literally swamped with opportunistic African migrants.
They now outnumber the island natives two to one! pic.twitter.com/EdNs1rnTwa— Paul Golding (@GoldingBF) September 15, 2023
انتقادات إيطالية
وطالبت إيطاليا، أمس الجمعة، بتدخل الأمم المتحدة لمواجهة الأزمة. وقال وزير الخارجية أنطونيو تاياني “سنتحدث عن المشكلة الناجمة عن الوضع في أفريقيا خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة” التي ستعقد الأسبوع المقبل في نيويورك، وفق وكالة أنباء “أنسا” الإيطالية.
وشدد تاياني على أنه لا ينبغي الاستهانة بالمشكلة، معتبرا أن “الوضع في أفريقيا ليس قابلا للانفجار، بل انفجر بالفعل”. وطالب الأمم المتحدة بالتدخل لمواجهة ضغوط تزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين الوافدين من أفريقيا إلى بلاده.
وتنتقد رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، التي ترأس حزب “فراتيلي ديتاليا” اليساري، الدول الأوروبية الأخرى لعدم قيامها بدورها في استقبال مهاجرين، في حين تبقى إيطاليا منفردة على خطّ المواجهة الأمامي.
وقالت ميلوني إن “عشرات ملايين الأشخاص” في أفريقيا قد يرغبون مغادرة بلدانهم بسبب الانقلابات أو المجاعة، مضيفة “من المؤكد أن إيطاليا وأوروبا لا تستطيعان استقبال هذا الحجم الهائل” من المهاجرين.
الموقف الفرنسي الألماني
أوروبيا، شدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على “واجب التضامن الأوروبي” مع إيطاليا، بعد أيام من تعليق ألمانيا استقبالها الطوعي لطالبي اللجوء المنقولين من إيطاليا إليها، مبررة قرارها بـ”ضغط الهجرة الكبير الحالي الى ألمانيا” ورفض روما الالتزام بالاتفاقيات الأوروبية في هذا الصدد.
وقال ماكرون إن الوضع في لامبيدوسا يُظهر أن المقاربات الوطنية البحتة لها حدودها، متمنيا عدم “ترك إيطاليا وحيدة مع ما تعيشه اليوم”، دون أن يوضح ما إذا كانت فرنسا ستستقبل مهاجرين من لامبيدوسا.
وفي برلين، أكد ناطق باسم الحكومة الألمانية أمس أن عمليات نقل طالبي اللجوء المنصوص عليها في “آلية التضامن الأوروبي الطوعية” يمكن أن تستأنف “في أي وقت إذا وفت إيطاليا بالتزامها إعادة اللاجئين وفقًا لتسوية دبلن”. وأشار الناطق إلى أن برلين اتخذت هذا القرار بهدف “إرسال إشارة” إلى روما.
وتنظم هذه الآلية نقل طالبي اللجوء من بلد الوصول في الاتحاد الأوروبي إلى دول أعضاء أخرى لتخفيف العبء عن دول -مثل إيطاليا واليونان- تعد منافذ المهاجرين إلى أوروبا.