نفى البيت الأبيض ضلوع الولايات المتحدة بالمشاركة في تفجير أجهزة الاتصال التي شهدها لبنان الثلاثاء والأربعاء، في حين كشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عما قالت إنه تنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن هذه التفجيرات.
وأوضح منسق السياسات الإستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي أن بلاده غير ضالعة في تفجيرات أجهزة الاتصال بلبنان. وأكد أن واشنطن لا تزال منخرطة في جهود دبلوماسية مكثفة لمنع تصاعد الصراع بين إسرائيل وحزب الله.
وفي وقت سابق أمس، نفى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن -خلال مؤتمر صحفي مع نظيره المصري بدر عبد العاطي بالقاهرة- علْم الولايات المتحدة بهذه التفجيرات مؤكدا أن بلاده لم تكن متورطة فيها.
وفي سياق متصل، قال مصدر إيراني مسؤول للجزيرة إن واشنطن أرسلت عبر طرف ثالث رسالة لطهران بأنها غير منخرطة في تفجير أجهزة النداء الآلي بلبنان.
وأضاف هذا المصدر الإيراني أن الولايات المتحدة دعت بلاده لضبط النفس بعد تفجير أجهزة النداء الآلي بلبنان، مشيرا إلى أن رسالة واشنطن تضمنت تعبيرا عن أسفها لإصابة السفير الإيراني في حادثة تفجير أجهزة النداء الآلي.
من جانبه، قال المندوب الإيراني لدى الأمم المتحدة -في رسالة لمجلس الأمن الدولي- إن بلاده ستتابع على النحو الواجب الهجوم على سفيرها بلبنان والذي أدى إلى إصابته، وتحتفظ بحقها بموجب القانون الدولي في اتخاذ التدابير اللازمة التي تراها ضرورية للرد على مثل هذه الجريمة والانتهاك الشنيع، حسب تعبير المندوب الإيراني.
ورغم النفي الأميركي الرسمي، نقلت شبكة “سي إن إن” عن مصادر مطلعة أن إسرائيل أبلغت واشنطن قبل هجمات الثلاثاء بأنها ستشن عملية في لبنان دون تفاصيل. وأشارت الشبكة إلى أن المسؤولين الأميركيين ظلوا بلا اطلاع على خطط إسرائيل حتى ظهرت أخبار الانفجارات.
تنسيق مسبق
كشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية مساء أمس عما قالت إنه تنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن تفجير أجهزة اتصال لاسلكية يستخدمها عناصر حزب الله ومسعفون في لبنان.
وخلال الثلاثاء والأربعاء، قُتل 32 شخصا وأصيب أكثر من 3250 آخرين جراء انفجار آلاف الأجهزة اللاسلكية من نوع بيجر وأيكوم في عدة مناطق بلبنان.
وعن الحادثة، لفتت قناة “كان” -التابعة لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية- إلى وجود تنسيق بين إسرائيل والإدارة الأميركية بشأن عمليات التفجير النادرة التي هزت لبنان.
وقالت القناة الإسرائيلية إنه خلال الـ24 ساعة الأخيرة، تحدث وزير الدفاع يوآف غالانت مع نظيره الأميركي لويد أوستن. وأوضحت أن المكالمة الأولى بين غالانت وأوستن جرت الثلاثاء، قبل دقائق من موجة التفجير الأولى لأجهزة بيجر في لبنان. وقد أجريت المكالمة الثانية قبل موجة التفجير الثانية.
وفي سياق متصل، قال مصدر إسرائيلي مطلع على موجتي التفجير في لبنان لقناة “كان” تعليقا على تفجيرات الأربعاء “هذه خطوة مكملة للموجة الأولى لخلق شعور لدى حزب الله بأنه مطارد ومُلاحق”.
وأشار هذا المصدر إلى أنه في إسرائيل يأخذون في الاعتبار أن الوضع يمكن أن يتطور إلى حملة كبيرة في الشمال.
وأضاف “نحن في طريقنا إلى حرب إقليمية على نطاق لم نشاهده خلال الشهور الـ11 الأخيرة”.
وبحسب قناة كان، فإن إسرائيل ولبنان قريبتان الآن أكثر من أي وقت مضى إلى “حرب لبنان” الثالثة.
وكانت الحكومة اللبنانية وحزب الله قد اتهما إسرائيل بتنفيذ التفجيرات، وتوعد الحزب اللبناني إسرائيل بحساب عسير.
والبيجر جهاز لاسلكي بسيط لتلقي الإشعارات والرسائل النصية، وهو غير مخصص للاتصال الصوتي المباشر. أما أيكوم فهو جهاز لاسلكي ثنائي الاتجاه يُستخدم للاتصال الصوتي الفوري عبر موجات الراديو ويستخدم في مجالات متعددة مثل الاتصالات العسكرية والطوارئ والإغاثة والخدمات البحرية والجوية، ويمكن لمستخدميه التحدث مباشرةً عبر هذه الأجهزة لمسافات طويلة.
ويستخدم الجهازان بصورة خاصة من قبل عناصر حزب الله والعاملين في المجال الصحي جنوب لبنان، لاسيما في الظروف التي لا يمكن الاعتماد فيها على الهواتف المحمولة أو شبكة الاتصالات التقليدية.
وبينما تلتزم إسرائيل الصمت، تفيد وسائل إعلام أميركية، بينها صحيفة نيويورك تايمز وشبكة “سي إن إن” بأن إسرائيل استبدلت البطاريات الموجودة داخل أجهزة البيجر بأخرى قابلة للتفجير قبل وصولها إلى لبنان، ثم فجرتها عن بعد.
بينما قابلت إسرائيل ذلك بصمت رسمي، وتنصل مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -في بيان- من منشور لمستشاره توباز لوك على منصة إكس ألمح فيه إلى المسؤولية الإسرائيلية عن الهجوم، قبل أن يحذفه.
ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان -منها حزب الله- مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر الخط الأزرق الفاصل، مما أسفر عن مئات القتلى والجرحى معظمهم بالجانب اللبناني.
وتطالب هذه الفصائل بإنهاء الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل بدعم أميركي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 مما خلف أكثر من 136 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.